الأحد، أغسطس 16، 2009

«الضبابية» تسيطر على النفط وأسعاره حتى إشعار آخر

«الضبابية» تسيطر على النفط وأسعاره حتى إشعار آخر

تحليل ـ أيمن سيف

يبدو أنه لا نية لدى منظمة أوبك لتخفيض حصص إنتاج أعضائها في اجتماعها المقبل في سبتمبر المقبل بالعاصمة النمساوية «فيينا»، بعد أن اتجه الأعضاء صوب الاستقرار في تحديد السعر المرضي لهم، وللمستهلكين، وهو ما بين 70 و75 دولاراً للبرميل. ورغم استمرار ارتفاع مستويات المخزونات يبدي سعر النفط تماسكا عند حوالي 70 دولارا للبرميل أي أكثر من مثلي أضعف مستوى له في حوالي خمس سنوات البالغ 32.40 دولار الذي سجله في ديسمبر الماضي. ومع ارتفاع الاسعار - تفاعلاً مع توقعات بنمو الاقتصاد لا العوامل الاساسية للعرض والطلب - تراجع مستوى التزام أوبك بقيود الانتاج الى حوالي 71 بالمائة.
وتراجعت العقود الآجلة للنفط أكثر من 4 بالمائة يوم الجمعة في أول انخفاض أسبوعي منذ خمسة أسابيع وكان ذلك تحت ضغط عوامل متعددة أهمها ارتفاع الدولار وهبوط الاسهم الامريكية، حيث فضل المضاربون البيع لجني الارباح وعدم المراهنة في الوقت الحاضر على مستوى أعلى من 70 دولاراً لأسعار النفط الخام لا تبرره العوامل الأساسية، وانخفض الخام الخفيف لعقود سبتمبر يوم الجمعة 3.70 دولار ليغلق عند 67.55 دولار للبرميل نهاية الأسبوع، وبقيت تداولات النفط متقلبة خلال أيام الأسبوع مع وصولها أعلى قيمة عند 72.17 دولار وتراجعها الى ادنى قيمة عند 67.15 دولار، تحت تأثير جملة من المعطيات المتفائلة حيناً والمتناقضة في حين آخر، فبينما كان اتجاه الأسعار في البداية يسير استكمالاً لمعطيات الأسبوع الماضي نحو التفاؤل بتحسن الاقتصاد وزيادة الطلب على الطاقة لكن حدة التفاؤل سرعان ما تراجعت نهاية الأسبوع تحت ضغوط مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أعطت انطباعا بتراجع الاستهلاك وعزز ذلك من تقرير المخزون الأمريكي يوم الأربعاء الذي أوضح زيادة في المخزون العام للأسبوع الثالث على التوالي. وفي هذا الإطار أضافت سلسلة من التقارير والتوقعات على استهلاك النفط العالمي مزيدا من الحيرة وعدم الوضوح حول وضع الاستهلاك في أسواق النفط خلال المدى المتوسط والبعيد في 2010، حيث صدر تقرير منظمة أوبك في البداية بتوقعات أن يتراجع الاستهلاك العالمي على النفط وبعد ذلك تقرير من وكالة الطاقة الأمريكية التى توقعت ارتفاع الطلب وأخيراً من الوكالة الدولية للطاقة التى توقعت ارتفاع الطلب في 2010، والمحصلة أن مجمل هذه التقارير وغيرها من المؤشرات والبيانات لا تبالغ كثيرا في توقعاتها وفي النهاية فإنها لم تجب على التساؤل حول القلق القائم من التضخم أو الانكماش، فالمتعاملون في الأسواق ما زالوا يبحثون في ما إذا كانت هذه الأرقام والمعطيات تصاعدية أو متشائمة لأسواق النفط والطاقة والانقسام في السوق حاليا بين من يعتقد أن الاقتصاد بدأ الاستجابة فعلا للمحفزات ودخل مرحلة التعافي وبين الذين يعتقدون أن الأزمة الاقتصادية الراهنة ألحقت ضرراً يفوق الأسعار الحالية وأن هناك تفاوتا بين مستوى السعر الحالي والعوامل الأساسية في سوق النفط آخذ في الاتساع، ويمكن فهم عدم التوافق هذا بملاحظة الترابط المتزامن بين أسعار النفط والأسواق المالية وكيف تتجه اسعار النفط مناقضة لاتجاه تداولاتها المفترض للحاق بالاتجاه العام لأسواق المال. وما يعزز هذه التناقضات الحالية فإضافة إلى ما ذكره تقرير وكالة الطاقة الدولية الصادر يوم الاربعاء أن الاستهلاك العالمي للنفط يتجه الى الارتفاع في 2010، أكد نفس التقرير أن بعض مصافي النفط قد تضطر الى البيع والتصفية خوفا من مواجهة مستقبل إقتصادي سيئ، وبالفعل فإن عدة مصافي أوروبية تم طرحها للبيع بطاقات تكرير تتراوح من 85 و330 ألف برميل يومي، وهذا الحل يمثل توجها من شركات النفط للتخلص من بعض الاصول الاساسية، خاصة أن هذه المصافي بعضها مغلق ولديها تكاليف إضافية من الصيانة الدورية للابقاء على معداتها بوضع جيد، فانخفاض الاستهلاك كان له تأثير سيئ على قطاع مصافي تكرير النفط ومستقبل هذه الصناعة لا يزال غير مشجع بسبب ضعف الطلب العالمي ومن المحتمل أن يتطلب الأمر حلولا طويلة الأجل لمعالجة المشاكل التشغيلية التي برزت في الأشهر الأخيرة، وحتى تلك المصافي التي خفضت نفقات التشغيل في محاولة للاستمرار فإن هذه التدابير لم تكن كافية للوصول إلى تحقيق الأرباح.
aymansaif@hotmail.com


http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=13211&P=14

ليست هناك تعليقات: