تقرير النفط 13 فبراير
أيمن سيف
أغلقت أسعار نفط الخام الأمريكي لعقود مارس لأول مرة دون مستويات 40 دولار عند 37.9 دولار للبرميل في تباين ملحوظ بين أسعار الخامات المختلفة وسعر الخام نفسه لعقود مختلفة حيث عقود الخام الأمريكي لشهر أبريل عند 42.10 دولار ، وتحديدا فإن الفارق الكبير بين عقود مارس للخام الأمريكي والتي قاربت على التسليم وعقود إبريل القادمة (4.80 دولار) تعكس حجم المخزون المرتفع وارتفاع رسوم التخزين على الخام للعقود القادمة ، يقابل ذلك حالة من تراجع الاستهلاك ، فهل دخل استهلاك النفط العالمي في حالة من التراجع تزامنا مع الأزمة العالمية وما يشهده قطاع النقل وصناعة السيارات من تراجع كبير حاليا .
لعل النظر إلى هذا القطاع في أكبر الدول استهلاكا للطاقة وأكثرها دقة من حيث الإحصاءات يعطينا بعض التوضيح ، حين دخل الاستهلاك العام في الولايات المتحدة حالة من التباطؤ خلال الفترة بين 1978- 1983 فتراجع الاستهلاك الأمريكي من 18.8 مليون برميل يوميا إلى 15.2 برميل في 1983 ، ولم يستعيد الاستهلاك مستواه عند 18.8 إلا بعد مرور 20 سنة أي في 1998 . والتفسير الوحيد لتباطؤ الاستهلاك 1978-1983 يرجع لعدة أسباب منها ردة الفعل للارتفاع الغير مسبوق في ارتفاع الأسعار خلال بداية تلك الفترة نتيجة للحروب التي مرت على بعض الدول النفطية وأدى ارتفاع الأسعار حينها إلى تباطؤ اقتصادي جاء على مرحلتين الأول بدا في يناير 1980 حتى يوليو من نفس السنة والثاني من يوليو 1981 حتى نوفمبر 1982 ، ولو استقر الأمر عند تلك الأسباب كان ممكنا أن يعود الاستهلاك مرة أخرى إلى مستوياته في 1978 عند منتصف الثمانينات ، لكن في 1986 وبالرغم من التعافي الاقتصادي كانت أسعار النفط اقل منها في 1978 واستغرق الأمر عقدين من الزمن حتى ارتفع الاستهلاك الأمريكي من جديد إلى 18.9 مليون برميل\يوميا في 1998 ، وهذا يرجع إلى التغيرات التي طرأت على نمط الاستهلاك من حيث إيجاد بعض البدائل وزيادة كفاءة الاستهلاك كذلك زيادة الإنتاج المحلي .
يعتبر قطاع النقل هو الأكبر من حيث استهلاك الوقود والقدرة على سرعة النمو والتعافي ، وبالنظر على تغيرات ذلك في الولايات المتحدة ومقارنة الفترة بين 1940-1950 حيث كان هذا القطاع يستهلك 53% من خام النفط نجد أنه استهلك في 2007نحو 69% ، وفي 1978 كان قطاع النقل يستهلك 10.2 مليون برميل \يوميا وتراجع إلى 9.3 في 1982 لكنه كان سريعا في العودة إلى مستوياته من جديد في 1986 بعكس بقية القطاعات التي لم تستعد مستوياتها إلا في 1998 ، وخلال 2007 كان قطاع النقل يستهلك 14.2 مليون برميل\يوميا أي بزيادة 97% عن مستوياته في 1978 .
ومع مقارنة بين الفترة القديمة 1978-1982 والتي أعقبت ارتفاع النفط فقد كانت هناك إجراءات ملموسة من حيث رفع كفاءة استهلاك الوقود ، لكن خلال الفترة القريبة الماضية من الارتفاع الذي وصل بالأسعار نحو 150 دولار لم يتحقق تطور ملموس يمكن أن يؤثر في الاستهلاك على المدى المتوسط خلال 5-10 السنوات القادمة ، وبدائل الوقود خلال المدى القصير وحتى البعيد ما تزال قليلة جدا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق