الأحد، أغسطس 10، 2008

المستهلك الخاسر الأول لتقلبات أسعار النفط جريدة اليوم

المستهلك الخاسر الأول لتقلبات أسعار النفط

أيمن سيف

أيمن سيف

واصلت أسعار النفط خلال الأسبوع الأخير 4 – 8 أغسطس مسلسل تراجعاتها وذهبت في ذلك بعيدا عن القيم التاريخية التي تحققت خلال الأشهر الثلاثة الماضية لتنخفض عن أعلى قيمها والتي سبق أن تحققت أعلى من 147 دولارا إلى ما دون133 دولارا للبرميل الواحد ، وفيما تباطأ الاستهلاك في الولايات المتحدة أهم مستهلكي النفط في العالم لم تظهر إشارات على مثل هذا التباطؤ من الصين والهند ويبقى استهلاك هذه الدول سريعة النمو مرتفعا وذلك بحد ذاته كفيل بأن يرجع الأسعار إلى الارتفاع مرة أخرى.
تزامن هذا التراجع في أسعار النفط مع تحسن سعر صرف العملة الأمريكية حيث ارتفع مؤشر الدولار أمام العملات الرئيسية إلى 74 % وهي القيم التي كانت موجودة في شهر مارس الماضي ، وقابل ذلك تراجع اليورو أهم عملة أمام الدولار إلى 1.50 مقابل الدولار ، وكذلك تراجع أسعار الذهب إلى 850 دولارا للأونصة الواحدة .
كل هذه القيم تعيد الأمور إلى قيم أربعة أشهر سابقة ، وتأكد على الأقل أن القيم التاريخية قد توقفت ولو مؤقتا ، ولكن ذلك يبقى غير دائم فبنظرة سريعة إلى هذا التراجع في الأسعار يتبين أن هذا الفرق بحد ذاته كان يوما ما ولسنوات طويلة هو السعر الأساسي للخام ، وكان حينها مثارا للجدل بين المنتجين والمستهلكين ومثارا للجدل في كونه عادلا أم غير عادل ، ولا غرابة في ذلك فهذه حال أسواق السلع ، أما الفرق الوحيد بين اليوم وذلك اليوم أن هناك كثيرا من المتغيرات التي تركت آثارها على الأسواق وخاصة أسواق النفط و الطاقة .
ولعل أهم هذه المتغيرات هي وجود هذه الأسواق داخل بورصات سريعة التغير توظف أحدث ما توصلت إليه التقنية من آليات ، وعوامل أخرى من بينها الزيادات الكبيرة في أحجام الطلب التي نمت مع تطور العديد من المجتمعات الاقتصادية الهائل مثل الصين والهند والتى أثرت بشكل مضطرد على رفع الأسعار منذ 2002 ، ولا تزال التوقعات من قبل الوكالة الدولية للطاقة قائمة في أن يبقى الطلب مرتفعا خلال السنة القادمة بحجم مليون برميل يوميا .
ونتيجة لذلك فإن القلق الأكبر يبقى قائما على جانب الإمدادات من دولة مصدرة مثل نيجيريا ومن الأعاصير المتتالية التي تضرب السواحل الأمريكية المليئة بالمنشآت النفطية وغيرها من عوامل سياسية متقلبة .
ولعل من المفيد العودة إلى المستفيد الأكبر من هذه الحالة ففي بداية دورة الصعود يكون المنتجون هم المستفيد الأكبر حيث باعوا بأسعار أعلى مع واردات من بضائع وسلع أخرى لم ترتفع كثيرا ، أما مع بداية دورة النزول هذه فستكون الأمور عكسية حيث أسعار تلك الواردات تبقى مرتفعة لأنه تم إنتاجها بتكاليف وقود عالية بينما عائدات النفط بدأت في التراجع . وهكذا فإن التقلبات الحادة التي تشهدها أسواق النفط غير مفيدة للجميع وتترك وراءها مع كل مرحلة كثيرا من الخسائر يدفع ثمنها في النهاية المستهلك الأخير .
aymansaif@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: