تراجعت أسعار النفط الأربعاء – الخميس من الأسبوع الماضي إلى ما دون 60 دولار بعد أن وصلت بداية الأسبوع إلى 71.70 دولار لتلغي أسبوعا سابقا من الصعود وتعود مجددا إلى مسارها العام السائد منذ أربعة أشهر ، وكان هذا التراجع حصيلة أسبوع من نشاط أسواق المال العالمية مليء بالتناقضات من حيث المتغيرات السياسية في الانتخابات الأمريكية وقرارات خفض الفائدة الغير مسبوقة في أوروبا وبريطانيا وكلها أبقت على مخاوف تباطؤ اقتصادي عالمي.
فالمستثمرون اليوم أعينهم موجهة بشكل مركز نحو أسواق الأسهم على مستوى العالم وعلى حجم الطلب العالمي على النفط كأفضل مؤشرات لقياس صحة الاقتصاد ومدى تعافيه ، وإن كانت مؤشرات الأسهم أسرع وأدق قراءة فمؤشر أسواق الأسهم مثلا يعطي القراءة اليومية لحالة الاقتصاد العالمي لأنه يعكس بشكل فوري الثقة من جانب المستثمرين في الحالة الاقتصادية ولم يعد المستثمر يقرأ الأسهم المحلية فقط بل يهتم بقراءة شاملة للأسهم الكونية ، والقراءة الحالية لأسواق الأسهم العالمية الرئيسية تفيد بأن هذه الثقة ما تزال بعيدة المنال بل هي في طور التراجع وهذا يأتي واضحا من قرارات البنك المركزي الأوروبي والبريطاني خفض الفائدة الحاد فالبنك الأوروبي خفض الفائدة بواقع نصف نقطة مئوية من 3.75% إلى 3.25% والبنك البريطاني خفض بواقع 1.5% من 4.5% إلى 3% .
يشبه التعامل مع مستوى الفائدة لعلاج الحالة الاقتصادية التعامل مع جرعات الدواء لعلاج حالة مرضية فالبنوك المركزية تلجأ لهذه الإجراءات بهدف تشجيع ضخ المزيد من الأموال داخل الاقتصاد لدفعه إلى الأمام وعادة ما تتعامل في مستوى ربع النقطة المئوية على جرعات متعددة وتعتبر جرعة نصف النقطة كبيرة إلى حد ما ، أما عند ما يصل الأمر إلى نقطة كاملة فالأمر يعتبر خطيرا ، فكيف إذا عند نقطة ونصف ، يبدو أن الوضع البريطاني في هذه الأزمة من الحلقات الأكثر ضعفا .
أما انخفاض الطلب على النفط والذي كان احد أسباب التراجع الكبير في الأسعار منذ شهر يوليو الماضي ما تزال قراءته والتوقعات بذلك غير واضحة لكن الأوضح أن أسعار وقود السيارات قد تراجع من 3.62 دولار للجالون إلى 1.32 دولار خلال نفس الفترة في تراجع الخام وبدأ الخفض يصل إلى المستهلك بشكل واضح في العديد من كبرى الدول استهلاكا في الولايات المتحدة والصين ، وحتى تلك الأسعار المنخفضة تلك لم تغري المستهلك بزيادة حجم الاستهلاك وهذا ما يعني أن الطلب ما يزال في حالة التراجع، فبيانات الطاقة الأمريكية وهي الأدق ضمن دول العالم تفيد أن الطلب المحلي على الجازولين قد تراجع 3.9% عن ما كان عليه قبل سنة من الآن .
بالرغم من مجمل الأوضاع الراهنة تبقى هناك حقيقة واضحة تشير إلى الحركة السريعة في أسعار النفط وإلى مدى التأثر والاستجابة بالمتغيرات وقابلية أن تنتقل الأسعار إلى مستويات جديدة خلال أيام بل ربما ساعات ، ويبدو أن سوق النفط سيشهد مراحل من تغيرات الأسعار متزامنة مع تطورات الأسواق المالية القادمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق